اجمل ماقال عبد العزيز جويدة



رَحَلْتِ عَنِّي



وَرَحلْتِ عنِّي

وأخذْتِ كلَّ العمرِ مِنّي

لكنْ بِرغمِ رَحيلِ وجهِكِ يا حياتي

فاطمَئنِّي

مِن بَعدِ حبِّكِ

كلُّ حبٍّ

ليسَ أكثرَ من

أَنَا الشَّاعِر

لأنَّ الشعرَ في دَمِّي

وفي عَظمي

وفي لَحمي

سَأغمِسُ داخِلي قَلَمي

وأزرعُ كلَّ أوراقي

صَباحاً قادِمًا أخضَرْ

وطَيْفَ سَحابةٍ تُمطِرْ

أحاسيسًا على الأسطُرْ

يَدورُ العُمرُ لَنْ أعبَأْ

لأنَّ مشاعرَ الفنَّانِ لا تَصدَأْ

ستبقَى ثورةُ الأشعارِ بُركانًا

ولن تَهدَأْ

سأكتُبُ فوقَ جَفنِ العينِ أشعاري

وأُخفي

بينَ أبياتِ الهَوَى العُذريِّ

أسراري

وأسقي أحرُفَ الأبياتِ مِن عُمري ،

ومِن عرَقي ،

ومِن ناري ...

وإنْ مِتُّ ..

سَتُنبِتُ هذهِ الكلماتُ أشجارًا

على قَبري

تُظَلِّلُ فَوقَ زُوَّاري

(2)

أنا الإنسانُ والفنَّانُ والشاعِرْ

أنا الحُزنُ الذي يَمتدُّ كَالدنيا

بِلا آخِرْ

أنا المَطعونُ في قَلبي

أنا المَجروحُ في حُبي

أنا المُتمرِّدُ الثائرْ

أنا المُتعذِّبُ ، المتألِّمُ ، الساخِرْ

أنا مَن تَسكُنُ الأحزانُ في قَلَمي

أنا يَمتَصُّني ألَمي

لأكتُبَ هذهِ الكلِماتِ

أُنشِئُها مِنَ العَدَمِ

(3)

أنا الفنَّانُ غَنَّيتُ

ونارُ الجُرحِ في عُمقي

وعِشتُ العُمرَ مُنتظرًا

تَلوحُ الشمسُ في أُفُقي

أنا المَسجونُ في قَلَقي

وأشعُرُ دائمًا بالخَوفِ

سِكِّينًا على عُنُقي

تُقطِّعُ في شَراييني

يَشُقُّ بِداخِلي نَهرًا

يَصُبُّ مَرارةَ الأيامِ في حَلقي

لأنزِفَ هذه الكلماتِ

مِن وَجَعي

ومن ألَمي

ومن أرَقي

(4)

أنا النَّايُ الحَزينُ الصوتِ

والنَّغَمُ الذي يَسحِرْ

أنا الإحساسُ دَفَّاقًا

ومُنهَمرًا على الأسطُرْ

أنا مَن يَنحِتُ الكلماتِ

كي تَغدو تَماثيلاً مِنَ المَرمَرْ

وأزرعُ دائمًا شِعري

بَساتينًا على الصفَحاتِ

كي تُزهِرْ

وأمضي بينَ أبياتي

أرى نَفسي

أرى ذاتي

أرى وَجهَ انفِعالاتي

وبينَ السطرِ والسطرِ

أذوبُ ..

أموتُ ..

أنتَحِرُ

لأُهديَكُمْ كِتاباتي


لَكِنِّي مَعَكِ عَلَى مَوْعِد

يا حُبًّا لم يُخْلَقْ بَعدْ


يا شَوْقًا كالمَوْجِ بِصدري

يا عِشْقًا يَجْتاحُ كِياني

يا أجمَلَ رَعْشاتِ اليَدْ

يا صُبحًا يُشْرِقُ في وجْهي

يا فَجْرَ الغَدْ

يا جُزُرًا تَمتدُّ بعَيني ،

وبُحورًا أغْرَقَها المَدْ

الحُبُّ كموْجٍ يُغرِقُني

والشَّوْقُ الجارفُ يَشتدْ

والعِشقُ يَجيءُ كتَيَّارٍ

يَجرِفُني مِنْ خلْفِ السَّدْ

(2)

يا أجملَ عِشقٍ

جرَّبْتُ ..

أنْ أعشَقَ حُبًّا لا يُوجَدْ

أنْ أعشَقَ حُلْمًا يَتَبَدَّدْ

أنْ يُصبِحَ حُبِّي نافِذَةً

أفتحُها ..

عُمري يَتجَدَّدْ

أنْ أَبقَى العُمْرَ على مَوعِدْ

مُنتظِرًا عَودَةَ أحبابي

مُنتظرًا شَمسًا لا تأتي

لِيَدُقَّ الضوءُ على بابي

(3)

يا حُبًّا لنْ يُخلَقَ أَبَدا

أشواقي نارٌ لا تَهْدَا

قدْ تَبقَى الأحلامُ بَعيدَةْ

قد يبقَى وَجهُكِ في نَظري

شَيئًا لا أُتْقِنُ تَحديدَهْ

أَحيانًا أجْمَعُهُ خَيْطًا

أغْزِلُهُ وَجْهًا من نُورْ

أحْيانًا ألقاكِ رَحيقًا ،

ألقاكِ عَبيرًا ،

وزُهُورْ

أحيانًا يُصبحُ شلاَّلاً ،

وبُحَيرةَ ضَوءْ

أحيانًا يُصبحُ لا شَيءْ

أحيانًا وَجْهُكِ يَتَحدَّدْ ..

يَكْبُرُ في عيني ،

يَتمدَّدْ ،

يَتجمَّعُ كالطَّيفِ قَليلاً

وأراهُ سرابًا يَتبدَّدْ

معَ أنِّي دَومًا أتَأكَّدْ

أنَّي لنْ أجِدَكْ ..

في يومٍ

لكنِّي أحلُمُ باللُّقيا

فأرانا الآنَ على موعِدْ

وسأبقى العمرَ ..

على موعِدْ

وقَالوا كَثيرًا


                                                       أنا لا أُحبُّكْ

وصَدَّقْتِ يَومًا

كلامَ الوُشاةْ

وهُمْ يَعلمونَ كما تَعلمينَ

بأنَّكِ في العمرِ طَوقُ النَّجاةْ

ولولاكِ في الأرضِ

يا كلَّ عُمري

أنا ما حَفَلْتُ

بِهذي الحياةْ

(2)

وقالوا كَثيرًا

بأنِّي أُمَثِّلُ أدوارَ عِشقٍ

وأنِّي أُجيدُ الكلامَ الجميلْ

وأنِّي أُحبُّ وأَنسَى كَثيرًا

وعِندي لكلِّ حَبيبٍ بَديلْ

وأنِّي مُجردُ وَهْمٍ

ويَمضي

وأترُكُ خَلفَ هَوايَ

قَتيلْ

فلو كانَ ضِدِّي لَديهِمْ دَليلٌ

فعندي لِحُبكِ

ألفُ دَليلْ

فَهُم يَعلمونَ كما تَعلمينَ

بأنَّكِ وَحيُ الكلامِ الجميلْ

وأنَّ هَواكِ بِشُطآنِ قَلبي

سَينمو ويَكبُرُ

مِثلَ النخيلْ

(3)

وقالوا بِأنِّي

سأمضي بعيدًا

وتَبقَى عُيونُكِ

طَيرًا وَحيدًا

يُسافِرُ بينَ الليالي الطوالْ

وأنَّ رُجوعي إليها

مُحالْ

وأنَّكِ مِثلُ نَباتٍ غَريبٍ

نَما ذاتَ يَومٍ

بِسَفحِ الجِبالْ

فلا تَسمَعيهِمْ

فمهما يَقولوا

سأبقى أُحبُّكْ

وَهُمْ يَعرِفونْ

بِغيرِ هَواكِ أنا لنْ أكونْ

وَهُمْ يَعلمونْ

بأنَّكِ حُبٌَّ يَفوقُ الجُنونْ

لِذا يَدَّعونْ

لِذا يَحقِدونْ

لأنَّكِ حُبٌّ

سَيَبقَى بِقلبي

وِهُمْ زَائلونْ


سُئِلْتُ كَثيرًا


سُئِلْتُ كَثيرًا :

لِماذا نُحِبْ ؟

فَقلتُ : لأنَّا

خُلِقْنا بِقلبْ

ففي الحبِّ نَعرفُ مَعنى الحياةِ

ونؤمنُ أنَّ للكونِ رَبْ

سُئِلتُ :

وكيفَ يَكونُ المُحِبْ ؟

فَقلتُ : تَراهُ على كُلِّ دَربْ ..

يَذوبُ لِكُلِّ نَسيمٍ يَهُبْ

ويَبكي لِبُعدٍ ،

ويبكي لِقُربْ

كَطفلٍ يُفتِّشُ عَن صَدرِ أُمٍّ ،

وعن صَدرِ أبْ

تَراهُ شَريدًا

وفي كُل صَوبْ

كَنهرٍ تَخلَّصَ من ضِفَّتيهِ

وصَارَ بِكلِّ مَكانٍ يَصُبْ

(2)

سُئلتُ كَثيرًا 

وهلْ مِنْ دَليلٍ لِقلبٍ يُحبْ ؟

فَقُلتُ : الدَّليلُ ـ وما فيهِ رَيبْ ـ

يَكونُ التَّغيُّرُ في كُلِّ قلبْ

فَبينَ الصَّحارِي حَياةٌ تَدِبْ

فَتشْدو طُيورٌ ،

وتَنمو زُهورٌ

على كُلِّ هُدبْ

ويَخضَرُّ عُمرُكَ من بَعدِ جَدبْ

ويُصبحُ قَلبُكَ واحَاتِ عِشْقٍ

فَفي العيْنِ ماءٌ

وفي القلبِ عُشبْ

وحِينَ تَنامُ ، ومهْما تُحاوِلُ

لا تَستريحُ على أيِّ جَنبْ

(3)

سُئِلْتُ :

وهل مِن عِلاجٍ لِصَبْ ؟

فَقُلتُ : مُحالٌ

يُفيدُ عِلاجٌ لِقلبٍ أَحَبْ

فليسَ لِداءٍ مَعَ العِشقِ طِبْ

سُئلتُ أخيرًا :

وكيفَ التَّداوي ؟

فقُلتُ بِحُزْنٍ :

بِمَوتِ الحبيبِ ،

ومَوتِ المُحِبْ



لا تَعشَقيني


(1)

قُلوبٌ تَميلْ

وقُربي إليها مِنَ المُستَحيلْ

لأنِّي جَريحْ

وأشتاقُ يومًا لأنْ أستريحْ

فلا تَخدَعيني بِحُبٍّ جَديدْ

لأنِّي أخافُ دَعيني بَعيدْ

(2)

وإنْ تَعشَقيني

فلا شَيءَ عِندي لِكي تَأخُذيهْ

وما أنا شَيءٌ

ولا قلبَ عندي لكي تَعشَقيهْ

فقد تَندمينَ

وتَمضينَ عنِّي

وفي القلبِ سِرٌّ ولن تَعرِفيهْ

فإنيَ وَهمٌ

وقلبي خَيالٌ

وحُبي سَيبقَى بَعيدَ المَنالْ

فلا تَعشَقيني لأني المُحالْ

(3)

وإنْ تَعشقيني

فهل تَعرِفينَ أنا مَنْ أكونْ ؟

أنا الليلُ حِينَ طَواهُ السكونْ

فلا أنا طِفلٌ

ولا أنا شَيخٌ

ولا أنا أضحَكُ مثلَ الشبابْ

تَقاطيعُ وَجهي خَرائطُ حُزنٍ ،

بِحارُ دُموعٍ ، تِلالُ اكتِئابْ

فلا تَعشَقيني لأني العَذابْ

(4)

إذا قُلْتُ يَومًا بأنِّي أُحبُّكْ

فلا تَسمَعيني

فَحُبِّي كَلامْ

وحُبي إليكِ بَقايا انتِقامْ

لأنِّي جَريحْ ..

سأشتاقُ يَومًا لكي أستَريحْ

وأرغَبُ يَومًا أرُدُّ اعتِباري

وأُطفئُ ناري

فَأقتُلُ فيكِ العُيونَ البريئةْ

فَلا تَعشَقيني لأنِّي الخَطيئةْ

(5)

دَعينيَ أمْضِ ودَاري دُموعَكْ

لأنِّي أخافُ سأرحَلُ عَنكِ

وقلبي السَّفينَةْ

أجوبُ بِقلبي الليالي الحَزينَةْ

فعُذرًا لأنِّي سأمضي وَحيدًا

سَأمضي بعيدًا

وإنْ عُدْتُ يَومًا

فقولي بأنَّكِ لا تَعرِفيني

فَقلبي ظَلامْ

وحُبي كَلامْ

ومازِلتُ أرغَبُ في الانتِقامْ



وبَعُدْنا يا حُبِّي الأوْحَد


تَرْحالُكِ شَيءٌ يَتَجَدَّدْ

ولِقانا شَمسٌ غائبةٌ

في رَحْمِ الغَيبِ ولَمْ تُولَدْ

أنا قَلبي مَوْقِدُ أحزانٍ

ودُموعُكِ زَيْتٌ تَسكُبُهُ ..

عيناكِ على نارِ المَوْقِدْ

قد عِشتُ أخافُ أُوَدِّعُكِ

أو يوَمًا حُلمي يَتَبدَّدْ

وبِرَغمِ الخوفِ تَفَرَّقْنا

ورَحَلْتِ أيا حُبي الأوحَدْ

مازِلتِ حَريقًا في قلبي

حُبًا ومَشاعِرَ تَتوقَّدْ

لِمَ لا تَبقينَ وأنتِ العُمرُ

وحُبٌّ في قلبي غَرَّدْ

يا أعظمَ حبٍّ أعطاني

قلبي وهَواكِ على مَوْعِدْ

فَدَعيني في الحُبِّ نَبيًّا

بِرِحابِ عُيونِكِ يَتَعبَّدْ

***

تَرحالُكِ ضَيَّعَ أيَّامِي

إن ضَاعَ العُمرُ فَهلْ يَرجِعْ ؟

أنا أسألُ نَفسي أحيانًا

مَنْ فينا ضَاعَ ، ومَنْ ضَيَّعْ ؟

أنا بَعدَكِ حُلمٌ مَجروحٌ

أنا نَهرٌ تاهَ عَنِ المَنبعْ

سُفُني في عَينِكِ راحلَةٌ

تَنتظرُ وَداعَكِ

كي تُقلِعْ

مازلتُ أخافُ أُوَدِّعُكِ

وأخافُ عُيوني

أنْ تَدْمَعْ

قد يُطفئُ دَمعي نِيرانًا

تأكُلُ في القلبِ وفي الأضْلُعْ

أو يَغرَقُ طيفُكِ في دَمعي

أخشى إنْ راحَ

فلا يَرجِعْ

(3)

تَرحالُكِ شيءٌ يَتجدَّدْ

ولقاؤكِ حُلمٌ أرصُدُهُ

في أٌفْقٍ تاهَ عنِ المَرصَدْ

يا وجهًا يَسكنُ في قلبي

يا ألفَ حِصارٍ في دَربي

أنتِ الأيامُ بأجمَعِها

أجملُ أُغنِيَةٍ أسمَعُها

وحديقة ُحُبٍّ أزرعُها ..

بمَشاعِرِ شَوقٍ

تَتولَّدْ

قد نَرحلُ يا عُمري الأوحدْ

أو نُصبحُ في يومٍ أبعَدْ

لكني مازِلتُ أُؤكِّدْ

إنْ نَفَدَتْ أنهارُ الدنيا

حبِّي أنهارٌ لا تَنْفَدْ



وأخافُ يوْمًا


أنْ أُحِبَّكِ فوقَ ما تتحمَّلينْ

وأخافُ أن ألقاكِ نَهرًا في دُموعي

وأخافُ أن ألقاكِ يَومًا في ضُلُوعي ..

نَهرًا من الأشواقِ ،

نَبْعًا مِنْ حَنينْ

وأخافُ أنْ ألقاكِ شَمسًا

دِفْؤها لا يَستكينْ

وأخافُ يا قََدَري الذي

قد خُطَّ مِن فَوقِ الجَبينْ ..

من بَعدِ أن أهوى هَواكِ تُسافِرينْ

(2)

وأخافُ يا عُمري أنا

يَومًا تُفرِّقُنا السِّنينْ

بالرَّغْمِ من أني أخافُ وتَعرِفينْ

قَلبي يُحِبُّكِ

فَوقَ ما تَتصوَّرينْ

ما زِلتِ في قَلبي وعَيني

تَسكُنينْ

يا أجملَ الأطْيارِ تَشدو دَاخِلي

يا مَوجةً نامَتْ بِحِضنِ سَواحِلي

عَيناكِ أجمَلُ من حُقولِ الياسَمينْ

وأخافُ يَومًا أن أُحبَّكِ

فَوقَ ما تَتوقَّعينْ

فالعِشقُ عِندي

غَيرُ كلِّ العاشقينْ

عِشقي أنا كالنَّارِ ،

كالإعصارِ ،

كالزِّلزالِ ،

كَالبُركانِ ،

عِشقي ثَائرٌ ..

لا يَسْتَكينْ

عِشقي كَسيلٍ جَارفٍ ،

نَهرٍ يَصُبُّ مَشاعري في الآخَرينْ

عِشقي عَطاءٌ دَائمٌ

فَإذا طلَبْتِ الشَّيءَ كانْ

وإذا طلَبْتِ العُمرَ هَانْ

لَكِ دَائمًا ما تَطلُبينْ

يا مَن مَلكْتِ الرُّوحَ ،

والقلبَ المُعذَّبَ بالحنينْ

رِفقًا بمِنْ تَتَمَلَّكِينْ


عَيْناكِ أيَّامِي


مَضى عامٌ وبَعدَ العامِ عامانِ

تَجاوَزنا طُفولتَنا

وفي الأشواقِ طِفلانِ

مَضى عامٌ

وبعدَ العامِ عامانِ

وطَيفُكِ في مُخيِّلَتي

أُعانقُ وَجهَكِ الوضَّاءَ في صَمتي

وأبكي حينَ لا يأتي

أرى نَفسي بعينيكِ

أذوبُ بعِطرِ شَفَتيكِ

وأعرِفُ أنَّها نارٌ

أضُمُّ النارَ في صَدري

وأحرِقُ بينَها عُمري

ويَبقَى بعضُ ما قُلنا

وذِكرى أنَّنا كُنا

ومازلنا حَبيبينِ

وفي عينيكِ أيَّامي

وأحلامي

وأغلى ما كَتبناهُ

فيا صَدرًا قَضيتُ العمرَ يَحملُني

وأسكُنُ في حَناياهُ

خُذيني نحوَ أيامِكْ

أسيرًا أبتَغي أسري

خُذي عُمري

أَضيفيهِ لأيامِكْ

تُرى إنْ مرَّتِ الأيامُ تَعنينا ؟

وكيفَ العُمرُ يَعنينا !

وعامٌ قد مضى مِنَّا

وعامانِ

وإن مرَّتْ منَ الأعوامِ آلافٌ

فإنَّا يا مُنَى عُمري

حَبيبانِ .. حَبيبانِ



أخافُ يَومًا


(1)

وأخافُ يوْمًا

أنْ أُحِبَّكِ فوقَ ما تتحمَّلينْ

وأخافُ أن ألقاكِ نَهرًا في دُموعي

وأخافُ أن ألقاكِ يَومًا في ضُلُوعي ..

نَهرًا من الأشواقِ ،

نَبْعًا مِنْ حَنينْ

وأخافُ أنْ ألقاكِ شَمسًا

دِفْؤها لا يَستكينْ

وأخافُ يا قََدَري الذي

قد خُطَّ مِن فَوقِ الجَبينْ ..

من بَعدِ أن أهوى هَواكِ تُسافِرينْ

(2)

وأخافُ يا عُمري أنا

يَومًا تُفرِّقُنا السِّنينْ

بالرَّغْمِ من أني أخافُ وتَعرِفينْ

قَلبي يُحِبُّكِ

فَوقَ ما تَتصوَّرينْ

ما زِلتِ في قَلبي وعَيني

تَسكُنينْ

يا أجملَ الأطْيارِ تَشدو دَاخِلي

يا مَوجةً نامَتْ بِحِضنِ سَواحِلي

عَيناكِ أجمَلُ من حُقولِ الياسَمينْ

وأخافُ يَومًا أن أُحبَّكِ

فَوقَ ما تَتوقَّعينْ

فالعِشقُ عِندي

غَيرُ كلِّ العاشقينْ

عِشقي أنا كالنَّارِ ،

كالإعصارِ ،

كالزِّلزالِ ،

كَالبُركانِ ،

عِشقي ثَائرٌ ..

لا يَسْتَكينْ

عِشقي كَسيلٍ جَارفٍ ،

نَهرٍ يَصُبُّ مَشاعري في الآخَرينْ

عِشقي عَطاءٌ دَائمٌ

فَإذا طلَبْتِ الشَّيءَ كانْ

وإذا طلَبْتِ العُمرَ هَانْ

لَكِ دَائمًا ما تَطلُبينْ

يا مَن مَلكْتِ الرُّوحَ ،

والقلبَ المُعذَّبَ بالحنينْ

رِفقًا بمِنْ تَتَمَلَّكِينْ



آخِرُ ما قَالَتْهُ لِي

قَالتْ : يا عُمري لا تَرحلْ

أرجوكَ قَليلاً أنْ تَبقى

فَكِّرْ في قلبي وتَمهَّلْ

إنْ كُنتَ تُصرُّ تُوَدِّعُني

مِن قَبلِ رَحيلِكَ عَلِّمني ..

عَلمني أن أنسى وجهك

واللحن الدافئ في صوتك

لأقولَ بأنَّكَ يا عُمري

أوَّلُ إنسانْ

علَّمَني الحُبَّ ، وعلَّمَني

كيفَ النِّسيانْ

ـــــــــــــــــــــــــــــ
معلومات عن الشاعر

عبد العزيز جويدة
شاعر
عبد العزيز جويدة شاعر مصري من مواليد محافظة البحيرة ولد في 1 يناير-1961. 
الميلاد: 1 يناير 1961 (العمر 57 سنة)، حوش عيسى، مصر



وضع القراءة :
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-