مامعنى الحب


معنى الحب وأنواعه
إن الحب هو: الميْل الدائم بالقلب الهائم، وإيثار المحبوب على جميع المصحوب، وموافقة الحبيب حضوراً وغياباً، وإيثار ما يريده المحبوب على ما عداه، والطواعية الكاملة، والذكر الدائم وعدم السلوان، قال الشاعر:


كنها من حلاها كل ليله عروس
خايفه من عيون الناس واحراجها

حي هالطول يا زولٍ عساه محروس
من عبث لوعة الايام وازعاجها

تزعل نفوس ولا تمتلي غيض روس
من يقرب لها وضلوعي سياجها
(متعب التركي)

وقال اخر:

في عيونك حياة وفي حروفك دفا
وفي شفاتك قراح لذةٍ للشاربين

حط ايدك بأيدي لين تـعرق وفـا
ضمني لين تسمع للمحاني ونين

وقال اخر:

ومَنْ كان من طول الهوى ذاق سُلْوَةً
فإنِّيَ من ليْلى لها غيرُ ذائقِ
وأكثر شيء نِلتـُهُ من وصالها
أَمانِيُّ لم تصدُق كلَمْعةِ بارقِ

وفي الحديث الذي رواه "الإمام أحمد" تصديق ذلك، إذ قال النبي محمد : {حُبُّك الشيءَ يُعْمي ويُصم} .

أو الحضور الدائم، كما قال الشاعر:

يضيق الكون في عيني واشوفك في خيالي كون
أشوفك كلما أغفى لأنك حلمي الساهر

أحبك في تفاصيلك أحب أسلوبك المجنون
أحبك في طلوع الشمس أحبك يا أمل باكر

أشوفك داخلي أطفال مع ريح الفرح يمشون
أحبك في أبتسامه طفل أذا ناديت يا شاطر

أحبك ياصدى صوتن بحاسيس الهوى مشحون
أحبك ياربيع أخضر أحبك ياشتا ماطر

وقال اخر
يا مقيماً في خاطري وجَناني
وبعيداً عن ناظري وعِياني
أنت روحي إن كنتُ لستُ أراها
فهي أدنى إليّ من كُلِّ دانِ
وقال آخر: 
خيالك في عيني، وذكراك في فمي
ونجواك في قلبي، فأيْن تغيبُ ؟!
وقال شاعر آخر :
ما ملكنا قلوبنا اننا العرب
ما ملكنا دمائنا أمرنا عجب

وقال المتنبي :

الحب ما منع الكلام الاسنا 
وألذ شكوى عاشقٍ ما أعلنا

الحُبُّ: هو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، وقد ينظر إليه على أنه كيمياء متبادلة بين إثنين، ومن المعروف أن الجسم يفرز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ "هرمون المحبين" أثناء اللقاء بين المحبين.

وتم تعريف كلمة حب ( بضم الحاء ) لغويًا بأنها تضم معاني الغرام والداء وبذور النبات، ويوجد تشابه بين المعاني الثلاث بالرغم من تباعدها ظاهرياً، فكثيراً ما يشبّهون الحب بالداء، وكثيرا أيضاً ما يشبه المحبون الحب ببذور النباتات.

أما غرام، فمعناها : التَعلُّق بالشيء تَعلُّقاً لا يُستطاع التَخلّص منه. وتعني أيضاً "العذاب الدائم الملازم" ; 
وقد قال الله تعالى :  وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا سورة الفرقان الآية الـ65. 
والمغرم : المولع بالشيء لا يصبر على مفارقته. وأُغرم بالشيء : أولع به. فهو مُغرم.

أنواع الحب


الحبّ الإلٰهي
الحب الأخوي
الحب العذري
حب النفس
الحب الأفلاطوني
الحب الرومانسي
الحب الجنسي
الحب المادي
الحب العفيف
حب غير متبادل
الحب المصلحي

أسماء الحب ومراحله

وضعوا للحب أسماء كثيرة منها المحبة والهوى والصبوة والشغف والوجد والعشق والنجوى والشوق والوصب والاستكانة والود والخُلّة والغرام والهُيام والتعبد. وهناك أسماء أخرى كثيرة التقطت من خلال ما ذكره المحبون في أشعارهم وفلتات ألسنتهم وأكثرها يعبر عن العلاقة العاطفية بين الاحباء.

الهوى
يقال إنه ميْل النفس، وفعْلُهُ: هَوِي، يهوى، هَوىً، وأما: هَوَىَ يَهوي فهو للسقوط، ومصدره الهُويّ. وأكثر ما يستعمل الهَوَى في الحبِّ المذموم، حيث قال الله تعالى : وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى  فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى سورة النازعات الآيتان الـ40 والـ41

وقد يستعمل في الحب الممدوح استعمالا مقيدًا، منه قول النبي محمد: (لا يؤْمن أحدكم حتى يكون هَواهُ تبعًا لما جئتُ بِه).صححه النووي

الصَّبْوة
وهي الميل إلى الجهل، فقد جاء في القرآن العظيم على لسان "يوسف" حيث قال الله تعالى: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ سورة يوسف الآية الثالثة والثلاثون. والصّبُوة غير الصّبابة التي تعني شدة العشق، ومنها قول الشاعر:

تشكّى المحبون الصّبابة لَيْتني
تحملت ما يلقون من بينهم وحدْي

الشغف
وهو مأخوذ من الشّغاف الذي هو غلاف القلب، ومنه ما جاء في القرآن العظيم واصفًا حال امرأة العزيز في تعلقها بيوسف :  وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ سورة يوسف الآية الثلاثون

الوجد
هو الحب الذي يتبعه مشقه في النفس والتفكير فيمن يحبه والحزن دائما.

الكَلَفُ
هو شدة التعلق والولع، وأصل اللفظ من المشقة، قال الشاعر: فتعلمي أن قد كلِفْتُ بحبكم ثم اصنعي ما شئت عن علم

العشق
العشق فرط الحب وقيل هو عجب المحب بالمحبوب يكون في عفاف الحب ودعارته قال الفراء: 
العشق نبت لزج، وسُمّى العشق الذي يكون في الإنسان لِلصُوقهِ بالقلب.

النجوى
الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حُزْن.

الشوق
هو سفر القلب إلى المحبوب، وارتحال عواطفه ومشاعره، وقد جاء هذا الاسم في حديث نبوي إذ روى عن "عمار بن ياسر" أنه صلى صلاة فأوجز فيها، فقيل له: أوجزت يا " أبا اليقظان " !! فقال: لقد دعوت بدعوات سمعتهن من رسول الله " يدعو بهن: 
(اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك بَرَد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مُضرة، ولا فتنة ضالة، اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مهتدين). 

وقال بعض العارفين : (لما علم الله شوق المحبين إلى لقائه، ضرب لهم موعدًا للقاء تسكن به قلوبهم).

الوصبُ
وهو ألم الحب ومرضه، لأن أصل الوصب المرض، وفي الحديث الصحيح: ( لا يصيب المؤمن من همّ ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه ). 
وقد تدخل صفة الديمومة على المعنى، قد قال الله تعالى:  دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ سورة الصافات الآية التاسعة وقال سبحانه:  وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ سورة النحل الآية 52

الاستكانة
وهي من اللوازم والأحكام والمتعلقات، وليست اسمًا مختصًا، ومعناها على الحقيقة : الخضوع، وذكر تعالى الاستكانة في سورة المومنون:  وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ سورة المؤمنون الآية وقال سبحانه : وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ سورة آل عمران الآية الـ146 وكأن المحب خضع بكليته إلى محبوبته، واستسلم بجوارحه وعواطفه، واستكان إليه.

الوُدّ
وهو خالص الحب وألطفه وأرقّه، وتتلازم فيه عاطفة الرأفة والرحمة، يقول الله تعالى:  وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ 14. سورة البروج الآية الـ14 ويقول سبحانه: وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ  سورة آل عمران الآية الـ90

الخُلّة
وهي توحيد المحبة، وهي رتبة أو مقام لا يقبل المشاركة، ولهذا اختص بها في مطلق الوجود الخليلان "إبراهيم" و"محمد"، ولقد ذكر القرآن ذلك في قولهِ تعالى:  وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً سورة النساء الآية الـ125

وصح عن الرسول محمد بن عبد الله أنه قال : [ لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن صاحبكم خليل الرحمن )

وقيل: لما كانت الخلّة مرتبة لا تقبل المشاركة امتحن الله النبي "إبراهيم" الخليل بذبح ولده لما أخذ شعبة من قلبه، فأراد الله أن يخلّص تلك الشعبة ولا تكون لغيره، فامتحنه بذبح ولده، فلما أسلما لأمر الله، وقدّم إبراهيم محبة الله على محبة الولد، خلص مقام الخلة وصفا من كل شائبة، فدي الولدُ بالذبح. ومن ألطف ما قيل في تحقيق الخلّة : إنها سميت كذلك لتخللها جميع أجزاء الروح وتداخلها فيها، قال الشاعر:

قد تخلَّلْتِ مسلك الروح مِني
وبذا سُمِّي الخليل خليلاً
الغرامُ
وهو الحب اللازم، ونقصد باللازم التحمل، يقال: رجلٌ مُغْرم، أي مُلْزم بالدين، قال "كُثِّير عَزَّة":

قضى كل ذي دينٍ فوفّى غريمه
و"عزَّة" ممطول مُعنًّى غريمُها

ومن المادة نفسها قول الله تعالى، عن جهنم: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا سورة الفرقان الآية الـ65 أي لازمًا دائمًا.

الهُيام
وهو جنون العشق، وأصله داء يأخذ الإبل فتهيم لا ترعى، والهيم (بكسر الهاء) الإبل العطاش، فكأن العاشق المستهام قد استبدّ به العطش إلى محبوبه فهام على وجهه لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، وانعكس ذلك على كيانه النفسي والعصبي فأضحى كالمجنون، أو كاد يجنّ فعلاً على حد قول شوقي :

ويقول تكاد تُجَـنُّ به
فأقول وأوشك أعبُده
مولاي وروحي في يده
قد ضيّعها سلِمت يده

وقال الشاعر:
تعلمت بغيابك كيف أعالـج مـا تألمتـه
تعلمت بغيابك كيف أقاسم همـي البلـور

على ما بقى من أطلال شفني كيف قسمته
زوايا غرفتك تبكي وبابك خاطره مكسور

وشارع بيتك اللي كل ماضاقت علي حمته
أضيق صدر أرصفته وتبكيني عيون الدور 

وقال الشاعر خلف فيحان:

روحي وما ملكت يداي فداهُ
شطراً حفظته لأجل من اهواهُ

حبه معي في داخلي احياء بهِ
انساهُ .. ؟ لا والله لن انساهُ

لا زلت في عهد المحبة باقين
لو شح في وصله وفي لقياهُ

يامن لقلبي اخذت قلبي مغلفٍ
كنت الدواء للقلب كنت مناهُ

عاهدتني تبقى معي وخذلتني
اواهُ .. من جرحٍ نزف اواهُ



وضع القراءة :
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-